الشهادات الوهمية…ظاهرة لا تمت للدين والأخلاق بصلة
حاورته/ آسيا بنت فاضل البلوشية
انتشرت في الآونة الآخيرة ظاهرة الشهادات الوهمية، وارتفعت أعداد حامليها، مما أدى إلى منافسة قرنائهم حاملي الشهادات نفسها من الجامعات المعترف بها، ومزاحمتهم في الحصول على الوظائف، ونيلهم المميزات المالية والوظيفية الأخرى بعد حصولهم على الشهادات العليا، وكذلك توليهم لمناصب إشرافية وقيادية، ومما لاشك فيه أن هذه الظاهرة لا تمت للدين والأمانة والأخلاق بأي صلة أو معنى.
حوارنا اليوم مع ابن المصنعة يوسف الزدجالي، والذي يعمل في وزارة التربية والتعليم كأخصائي اجتماعي منذ ٢٠٠٦، اجتهد الزدجالي للقضاء على هذه الظاهرة، لمعرفة التفاصيل كان لنا هذا الحوار.
*الفكرة*
عن الفكرة يتحدث يوسف الزدجالي: “الفكرة لم تأتِ بمحض الصدفة، إنما ومنذ قيام الدكتور موافق الرويلي بالكشف عن الشهادات الوهمية في عمان ثم زيارته، كنت أقوم بالدخول إلى أهم المنصات للتوظيف والسير الذاتية والبحث عن قوائم الجامعات الوهمية وفهم أهم متطلبات عملية البحث للوصول إلى المستهدفين”.
*الكفاءة والجودة في الدرجات العلمية*
يضيف الزدجالي: “تعتبر الكفاءة في الدرجات العلمية من أهم العوامل في نجاح التنمية في أي بلد، بالأخص في التخصصات التي تعتمد على العلوم مثل الهندسة وتخصصات العلوم والتقانة، وغيرها ممن يعتمدون اعتمادا كبيرا على تعليمهم الأكاديمي في احترافية وإتقان أعمالهم، لا يمكن أن يعمل في مجال الهندسة في كل مجالاتها إلا من خضع للتعليم الجامعي الصارم في مجال الهندسة”.
*خطر كبير للغاية*
يتحدث الزدجالي عن النتائج المترتبة لتزايد الشهادات الوهمية ويقول :” تقاسُ الجودة في إنجاز المشاريع على جودة الكادر البشري الذي يشرفُ عليه علميا. لذلك فإن الحاصلين على درجات من جامعات وهمية هم خطر كبير للغاية، وهو المسؤول المباشر في رداءة الإنتاج في الموقع الذي يعمل فيه، إضافة إلى الخطورة العالية التي يشكلها على حياة البشر إن كان التخصص يمس جانبا من جوانب السلامة والأمان والصحة”.
*مجرمون مزيفون*
ويتحدث الزدجالي عن الهدف الأساسي في كشف الشهادات الوهمية، ويقول: “الهدف الأساسي من كشف الشهادات الوهمية ليس التشهير، إنما تخليص مؤسساتنا منهم لكي يحل محلهم الشباب الأكفاء الذين أفنوا شبابهم في التعليم الجامعي وتكبدوا سنوات الغربة للحصول على الشهادات من أفضل الجامعات في عُمان وخارجها، وفي المقابل يتربعُ على الوظائف أشخاصٌ مجرمون مزيفون حاصلون على درجات جامعية وهمية، وهم مجرمون فعلا تبعا للمادة (188) في قانون الجزاء العُماني، وعملنا في هذا الشأن هو واجب وشراكة مع عمل الجهات الحكومية التي تسعى من جانبها في إحلال الكفاءات الحقيقية في المؤسسات بقطاعيها العام والخاص”.
ويضيف :”وهذا الهدف نابع من الرغبة العميقة أن نرى بلادنا دائما ترتقي أعلى المراتب، وتتحرى الجودة في كل مشاريعها كقيمة استراتيجية غاية في الأهمية”.
*مصالح…غش…خديعة*
وعن رأيه بهؤلاء الأشخاص يؤكد الزدجالي: “بالنسبة لي فإن الأمر فعلا مزعج للغاية حين تعلمُ أن شريحة تسعى لشراء الشهادات من جامعات وهمية بهدف استخدامها للحصول على وظائف أو ميزات أو مكافآت أو ترقيات، لأن هذه الشريحة تعتمد على الغش والخديعة، وهذا يدلّ أنهم يعانون مشكلة في أخلاقهم، لذلك لا يُستبعد أنه يستغلّ مكانه الوظيفي أيضا للحصول على مصالحه، ولا يراعي أداء المهنة بجودة، الجودة التي لا يملكها أصلا”.
*موافق الرويلي*
يشيد الزدجالي بما قام به الرويلي ويقول: “كان عمل الدكتور موافق الرويلي في هذا الشأن رياديا خصوصا في منطقتنا الخليجية، وقد كشف لنا حجم المشكلة الكبيرة وتفشيها وضرورة قيام حراك مضاد من قبل الأفراد والمؤسسات لتنظيف الأوطان منهم وإحلال من يستحق مكانهم، وهذا سوف ينعكس بشكل مباشر على جودة الأداء ورفع الإنتاجية، والقضاء على التباطؤ. وأخيرا أضيف أن تضافر الجهود في سبيل كشف هؤلاء الوهميين سيكون أول الحلول لمشكلة الباحثين عن عمل بعد إحلال الكفاءات منهم مكان أصحاب الدرجات الوهمية”.