علي جعفر اللواتي .. إبداع منذ الطفولة
علي جعفر اللواتي .. إبداع منذ الطفولة
كتب / يونس جميل النعماني
يُسعدني أن أرحِّب بكم أجملَ ترحيب في هذه الفعالية احتفالاً باليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف يومَ الثالث عشر من فبراير من كل عام ويسرني أن أنقل لكم تحيات مجلس إدارة شبكة المصنعة الثقافية، وبعد ،،
لقد ورطني علي ورطة لم انفك منها، فقد طلبت منه – عند إعداد هذه الفعالية- أن يرَّشح لي من يستطيع أن يقدم شهادة في علي جعفر اللواتي، فقال لي قدم أنت، قلت له: لا يمكن أن أقدم أنا لأني من فريق الإعداد، فكيف أقدم نفسي، رشح أحدًا آخر، قال لي لا أعرف أحد إلا أنت، فأنت الوحيد الذي تعرفني، بعدين يا أخي نحن من المصنعة!!
وبذلك وقعت في الورطة، لكنها ورطة جميلة بالمناسبة، فقد بحثت عن كيفية كتابة شهادة غيريه، كما فتشت في أدراج الذاكرة ما يمكن أن أقوله اليوم عن علي اللواتي، الذي فاز مؤخرًا بجائزة محمد مكية، حيث أعلنت مؤسسة تميز للعمارة في لندن أن علي اللواتي قد فاز بجائزة محمد مكية للعمارة (دورة ٢٠٢٠) وهي المعروفة بشخصية العام المعمارية الشرق أوسطية عن برامجه الإذاعية في مجال العمارة.
وكان علي قد دشن في عام ٢٠١٦ أول برنامج ثقافي إذاعي يعنى بالعمارة بعنوان: “الهندسة المعمارية في عُمان” لمدة موسم إذاعي واحد. ثم دشن البرنامج الثاني “العمارة المستدامة” من العام ٢٠١٦ وحتى ٢٠١٩.
في ٢٠١٩ أعاد تشكيل وإطلاق البرنامج باللغتين العربية والإنجليزية باسم “صوت العمارة”، واستضاف هذا البرنامج أكثر من مئة معماري من مختلف الدول من بينهم مكتب زُها حديد، والمعماري الدكتور رفعة الجادرجي وراسم بدران ومعاذ الألوسي وغيرهم من المعماريين الكبار..
قدم علي اللواتي أيضا سلسلة من البرامج الرمضانية في الأعوام بين ٢٠١٦ إلى ٢٠١٩، هي: العمارة الدينية في عُمان – العمارة الإسلامية – صنّاع العمارة- وحكاية مبنى.
ويواصل دراسته العليا (مرحلة الدكتوراة) حاليا في كلية العمارة بجامعة ليفربول وهي الجامعة نفسها التي تخرج منها الدكتور محمد مكية الذي أسس تخصص العمارة في مسقط، وصمم في بغداد الجامع المشهور بمسقط جامع السلطان قابوس الأكبر. وقد حصل علي على مؤهل الماجستير في تخصص “التصميم المستدام” من كلية ويلز للعمارة بجامعة كاردف بالمملكة المتحدة. وهو أيضا محرر مشارك في مجلة “المهندس” عن جمعية المهندسين العُمانية وعضو فاعل بالجمعية وممثلها لدى هيئة المعماريين العرب ببيروت، وكان قد انضم إليها عندما كان طالبًا في الكلية التقنية العليا (حاليا الجامعة التقنية والتطبيقية) في قسم الهندسة، كما انه عضو اتحاد المهندسين العرب بالقاهرة وعضو الجمعية الملكية للمعماريين البريطانيين بلندن، وعضو مجلس إدارة شعبة النقد المعماري بالجمعية السعودية لعلوم العمران.
عندما كان يحدثني عن كل هذه الأنشطة، وعن التحاقه للعمل في وزارة الشؤون الرياضية قبل أن تتحول إلى وزارة الثقافة والرياضة والشباب في التشكيل الوزاري الجديد كمهندس معماري، وعن عمله الجزئي أيضا، وكيف أن عمله في الوقت ذاته في مكتب للاستشارات الهندسية لأحد من أفراد عائلته وهو خاله المهندس المعماري مرتضى آل عيسى الذي كان له الأثر الكبير في اختيار تخصص الهندسة المعمارية، وأكسبه حب هذا التخصص، أدركت حينها أنه مبدع منذ طفولته، فرحت أفتش عنه في ذاكرة الأيام، وأنا الذي تعرفت عليه منذ فترة لم تتجاوز الخمس سنوات بحكم تقديمنا لبرامج إذاعية بالتعاون مع إذاعة سلطنة عُمان – الإذاعة العامة، لكنني عرفت أيضا أن ثمة تواصل عائلي بيننا لم ينقطع رغم انتقال العائلة إلى مطرح.
ومن الجوانب التي يتميز بها أخلاقه الجمة، وعدم نسيانه لمن كان له أثر في حياته، لاسيما معلميه، وعند زواجه دعا الكثير منهم فشاركوه فرحته.
الكل يُشيد به وبإبداعه منذ نعومة أظفاره، كان متفوقًا في الدراسة، مشاركًا بشكلٍ يومي في الإذاعة المدرسية، وفي الصحافة، وكان أخوه -المذيع أيضا- موسى جعفر يعزف السلام السلطاني، ويشارك في الإذاعة والمسرح في مدرسة كعب بن سور بولاية المصنعة، كانت تربطهما إلى جانب أنهما أشقاء الأفكار والهوايات نفسها، والتفوق الدراسي. ثم انتقل إلى دراسة الثانوية في مدرسة الصلت بن مالك، ثم دراسة الثانوية العامة في مطرح بعد وفاة ابيه -رحمه الله- وانتقال العائلة إلى مطرح.
كان يهوى القراءة منذ الطفولة، خاصة قراءة المجلات مثل مجلة ماجد وباسم وغيرها، ومغرم بالمانجا (الانيميشن الياباني)، وكان بيتهم مملوءٌ بأشرطة الرسوم المتحركة (الانيميشن) مثل بوكاهاتس، وأفلام ديزني ..
كان طفلاً شغوفًا بحب المطالعة، عاشقًا لناقل الصوت (لميكرفون )، لم تكن طفولتهِ شقيةً، فكان يجلس مع أبيه في دكانه الصغير بعد تقاعده من وزارة الصحة، حيث صقل مهاراته في التعامل مع الآخرين، كان لا يفارق أخيه في مرحلة الابتدائية وما قبل المدرسة، ومنذ ولادته عام 1986م.
اختم هذه المداخلة بمقولة جان بوديار: “إن ملاحظة انبجاس المضامين وابتلاع المعنى وتلاشي الميديا نفسها، واختفاء كل جدلية الاتصال في دائرية شاملة للنموذج، وانبجاس الاجتماعي في الجماهير، قد تبدو كارثية وميؤوسًا منها؛ بَيد أنها ليست كذلك في الحقيقة إلا في نظر المثالية المهيمنة على كل رؤيتنا للإعلام، فنحن جميعًا نعيش على مثالية منذهلة بالمعنى والاتصال، مثالية الاتصال عبر المعنى، ومن هذا المنظور فإنَّ ما يتربص بنا فعلاً هو كارثة المعنى.”
وأخيرًا في ختام هذه المداخلة أتقدم بالشكر الجزيل إلى الزملاء والأصدقاء في شبكة المصنعة الثقافية منظمي هذه الأمسية، وجميع فرق العمل المشاركة في إنجاحها، كما لا يفوتني أن أنتهز هذه الفرصة لأتوجه بالشكر الجزيل إلى اللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم على اهتمامهم بالتعريف بالأيام العالمية وجهودهم القيّمة والمقدّرة، وعلى تعاونهم في إخراج الفعالية بهذا الشكل، وتحية وتقدير إلى الصديق الأستاذ بلال العبودي خبير اليونسكو في التنوع الثقافي على دعمه ومساندته الدائمة، ولجميع المتحدثين والمشاركين معنا في هذه الأمسية الجميلة كل الشكر والتقدير والاحترام للدكتورة إيمان الحمود من إذاعة مونت كارلو والدكتور نبيل العرفاوي الأستاذ بجامعة جندوبة بالجمهورية التونسية، والصديق المهندس علي جعفر اللواتي وإليك أستاذه فاطمة إحسان عظيم الشكر والامتنان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
* ألقيت هذه الشهادة في احتفال شبكة المصنعة الثقافية باليوم العالمي للإذاعة.