▪️إبراهيم الزدجالي في حوار عبر حساب «عكاسة»: «تنقصنا صناعة للفن.. والفنان العماني يحتاج من يأخذ بيده»
▪️«الاحترافية تعني أن تقرأ الشخصية قبل الاختيار.. وتحضر نفسك قبل التصوير.. وتتفاهم مع المخرج قبل الأداء»
متابعة- شذى البلوشية
مشوار فني بدأ مبكرا جدا، بالمشاركة في التمثيل والإخراج، والعمل شبه السنوي منذ ثمانينات القرن الماضي، ليكون أحد الوجوه العمانية التي برزت في الفضائيات العربية والخليجية، واضعا لنفسه مكانا مميزا بين كبار نجوم الوطن العربي، محتلا البطولة في أعمال درامية مختلفة، منطلقا بتقديم البرامج التلفزيونية، ومحترفا التمثيل الدرامي والمسرحي.
في لقاء عبر حساب الإنستجرام لشركة عكاسة للإنتاج الفني، كان الفنان إبراهيم الزدجالي ضيفا مميزا للحديث الطويل عن مهنة التمثيل واحترافها، مقدما مسيرته كدرس تعليمي يمكن أن تقتفي به الأثر، ومتلمسا مشوار الفن بحس الفنان العاشق لمهنته.
إبراهيم الزدجالي الذي بدأ مع «قهوة الصباح» في 1994، وتتلمذ على يد المتخصصين في المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر، وشارك في «عمان عبر التاريخ»، وبدأ ممثلا بدولة الكويت في 1997، وأثبت حضوره في «دنيا القوي» بشخصية «عصام»، ووقف إلى جانب هيفاء حسين في عمل من ثلاثة أجزاء بشخصية «بدر» في مسلسل «ليلى»، وأخيرا في عمل كوميدي مع الفنان الإماراتي «جابر النغموش»، وأعمال أخرى تخللت هذا المشوار، يحق فيها للزدجالي أن يكون قدوة يحتذى بها.
عشق واحتراف
بدأ الحوار في الحديث عن التمثيل، الذي لم يتسطع «الزدجالي» أن يجد له تعريفا سوى أنه «عشق متبادل»، لا يمكن أن يبتعد عنه أو يتركه لأي سبب كان، وغيابه عن الكاميرا يشكل فقدا كبيرا كما لو أنه فقد شيئا عزيزا على قلبه.
وتحدث «الزدجالي» عن الفرق بين الممثل الموهوب والممثل المحترف، حيث قال: «الممثل المحترف يكون التمثيل مهنته، فالاحتراف يمكنك من قراءة النص وتحليل الشخصية وأبعادها، تستطيع التفاهم مع المخرج وكاتب النص، وتتعاطى مع الأفكار، ووجهات النظر المتبادلة، كيف تتعامل مع الكاميرا ووقوفك أمامها، وكيف تتعامل مع الممثل الزميل، وكيف تؤدي الشخصية، وكيف تحافظ على (الراكورات) المادية والحسية والنفسية للمشهد، بينما الممثل الموهوب هو الذي يبدأ بشق أولى خطواته، وتكون لديه صعوبة لمواجهة نجوم كبار مع صعوبة التعاطي معهم، وصعوبة الوصول إلى المعلومة من المخرج، على عكس المحترف الذي يكون متشبعا من أداء شخصيات مختلفة في أعمال درامية متنوعة، ويستطيع التعاطي مع المخرج وفهم تلميحاته بشكل سريع».
الثقافة والاطلاع
وفي سؤال عن عدم حصول الممثل على أدوار في أعمال درامية لفترة معينة، فكيف يقضي وقته خلال تلك الفترة، وسبل تطوير قدراته ومهاراته؟ يقول الزدجالي: «التوقف متعب بالنسبة للمثل المحترف، تكون في انتظار عمل لتبدع من خلاله، ولكن تأخره يشعرك بنوع من القلق، والهواجس النفسية لتوقف الممثل، حيث أن التنافس كبير، والمواهب كثرت، والممثل المحترف يريد أن يرى أين أصبح مكانه، مع القلق على أن يكون هناك ممثل آخر أخذ مكانه، ولكن يجب على الممثل أن يدرك أن المنتج سيبحث عن الممثل المحترف ولو بعد حين، وهناك أدوار لا يمكن أن يتقنها سوى شخص محدد، فغالبا يمكن قضاء تلك الأوقات بمتابعة الأفلام والسينما، وتطوير المهارات من خلال القراءة”.
وفي حديث عن تطوير المهارات، ينعكس ذلك من خلال ثقافة الممثل، وهو ما أكد عليه «الزدجالي» في حديثه، حيث قال: «الثقافة العامة والحياتية مهمة للمثل، فهذا هو الذي يقوي المهارة والشخصية، حيث إن الثقافة الحياتية هي التي تعطيك مخزون ممتاز لتأدية أي شخصية من خلال دراسة الشخصية الخليجية في الشارع، والتعرف على شخصيات مختلفة لتتمكن من تقمص هذه الشخصيات إذا ما جاءك دور مشابه لتلك الشخصية».
خروج عن النص
وحول أداء الدور، مع تشكل حالات نفسية أو عاطفية على نقيض ما تكون عليه أثناء التمثيل، يقول الفنان إبراهيم الزدجالي: «لابد أن تفصل حياتك عن مهنتك، هكذا تكون «الاحترافية»، دون شك هي صعبة، ونمر بحالات حزن شديدة ويكون الدور حالة فرح، فكثيرا ما صادف أن يردني خبر وفاة لأحد الأقارب وأنا في «لوكيشن» التصوير، وهنا تتضح مقدرتك الفنية والمهنية»، وقدم الزدجالي مثالا لأحد قامات الفن العربي، الفنانة القديرة منى واصف التي تأبى أن تحضر هاتفها المحمول إلى مواقع التصوير لتفصل حياتها عن عملها، وهو الحال مع الفنان أحمد زكي عند أدائه دور «أنور السادات»، حيث كان يغضب إذا كان في موقع التصوير ويناديه أحدهم بغير «سعادة الريس»، متقمصا الشخصية منذ دخوله الموقع وارتدائه زي الشخصية.
خمس حلقات لاختيار الدور
ويبدو أن «الزدجالي» دقيق جدا في اختيار الشخصيات التي يود أداء أدوارها، حيث يقول: «لابد أن تقرأ الشخصية باحترافية، هناك شخصيات أبكي وأنا أقرأ النص، أو أضحك وأنا أقرأ الشخصية، وهذا هو جوهر الموضوع، ولابد من تخيل الشخصية وأبعادها المادية والنفسية والاجتماعية من خلال قراءة النص على الورق، إذا لم أتأثر بالشخصية خلال الخمس حلقات لا أكمل، واستبعد تمثيلي للشخصية».
وسرد الزدجالي تجربة أدائه لشخصية «رئيس التحرير» في مسلسل أحلام على ورق، حيث قال: «كانت من الشخصيات الصعبة، وصعوبتها تكمن في تركيبتها والتعامل مع الشخصيات في المسلسل، ورغم أن الشخصية جذبتني منذ البداية، فلابد أن أكون حازما وأعمل بحب لامتهان الشخصية نفسها، ورغم أني لم أتجهز بشكل فعلي، إلا أني محتك بالصحفيين، والتقيت برؤساء التحرير في مختلف الصحف والمجلات».
التحضير للشخصية
وبعد مرحلة اختيار الشخصية، تأتي مرحلة التجهيز والتحضير لأداء الدور، وهناك قواعد وأسس لابد من اتباعها لإتقان العمل، وحول ذلك قال الزدجالي: «يجب عليك التحضير للشخصية وللمشاهد، وحفظ الدور بشكل جيد، وطبعا عملية الحفظ تكون قبل وصولك لموقع التصوير، وبالنسبة للملابس أيضا لابد التحضير لذلك مسبقا، ورغم أن ممثلين كثر الآن يستخدموا الهاتف النقال أو الآيباد لقراءة النص، ولكن بالنسبة لي لابد أن يكون الورق في يدي، واكتب فيه ملاحظاتي، فتلك الملاحظات هي التي تساعدني على فهم الشخصية وأدائها بالطريقة التي تدربت وتحضرت لها من قبل، كما أن هناك ضرورة لتعاطي الدور مع الشخصية الأخرى، من خلال تجارب الأداء قبل تصوير المشهد».
وفيما يخص الارتجال في المشاهد قال الزدجالي: «لابد أن تناقش ذلك قبل التصوير، مع الممثل الآخر ومع المخرج، والارتجال لابد من إضافته على الورق قبل أدائه في المشهد، مثال ذلك: الفنان الإماراتي جابر النغموش الذي هو كثير الارتجال، ويعيش الحالة، ويمثل بعفوية، ولكن الارتجال يكون بجملة أو كلمة وهذا لا ضير فيه، فالكوميديا مسموح فيها الارتجال في إطار الشخصية، ولكن يجب أن تكون حذرا جدا، فبين الكوميديا والتهريج شعرة، إذا تجاوزتها ستكون خرجت تماما عن إطار العمل».
صناعة الفن في عمان
ومع التحليق في أسراب التمثيل هنا وهناك، أعاد السؤال الأخير «إبراهيم الزدجالي» إلى المكان الذي انطلق منه، فجاء الحديث عن «تطوير الصناعة في سلطنة عمان»، وهنا أخذ «الزدجالي» نفسا عميقا وقال: «»بالمختصر نحن محتاجين لأكاديمية فنون، حيث لا يمكننا نكران طاقات وقدرات الفنان العماني، وحضرت مهرجانات مسرحية عمانية مختلفة، ورأيت كم المواهب، وعشاق المسرح، وعشاق التمثيل، والمواهب الكوميدية، ولكن السؤال أين من يأخذ بيد هؤلاء الشباب؟».
وأضاف: «نحن بالمجمل ينقصنا صناعة للفن، فنحن نروج للسياحة بالتمثيل، إلى الآن لم نصور جمال عمان في أعمالنا، ولكن كيف تجلب مستثمرين لهذه الصناعة إلى بلدك؟ هناك دول استقطبت أعمال هوليوودية وبوليوودية، وأعمال عربية مختلفة للتصوير في بلدها، وهو ما طور السياحة في تلك الدول».